مسرحيّة الشحّاذ و الملك
- وينثروب باركهورست
- Nov 16, 2016
- 11 min read

المؤلف / وينثروب باركهورست
ولد وينثروب باركهورست / Winthrop Parkhurst فى نيويورك وقد تعرض لانتقادات بسبب نظرته البوهيمية للحياة ، ولكنه قدر لتعاطفه مع المظلومين ، ,مسرحياته ممتلئة بالطرفة والفكاهة . مسرحية الشحاذ والملك منشورة فى كتاب المحيط الأطلنطى للمسرحيات الحديثة عام 1921، وتعد من أبرز مسرحياته. وهى كوميديا خيالية من فصل واحد كتبها وينثروب باركهورست. تدور حول الملك الذي لا يولي اهتماما لاحتياجات شعبه ويتجاهل بعض القضايا الاجتماعية التي تتفشى في مملكته مثل، الفقر والاضطرابات الاجتماعية.
ترجمة :د. محمد عبد الحليم غنيم
الشخصيات : – الملك ، لأى بلد عظيم . – الشحاذ – الخادم
( غرفة فى قصر تطل على فناء . فى منتصف فصل الصيف . نوافذ القصر مفتوحة ، من على بعد يأتى صوت رجل يصرخ من أجل الخبز )
( الملك يجلس فى مقعده الذهبى . التاج الذهبى فوق رأسه ، ويمسك فى يده الصولجان الذى يكون من ذهب أيضاً . يقف الخادم بجواره ، يهوًى عليه بمروحة ضخمة من ريش الطاووس ) .
الشحاذ : ( فى الخارج ) خبز .. خبز .. خبز أعطنى بعض الخبز .
الملك : ( بفتور ) من ذلك الذى يصرخ فى الشارع من أجل الخبز ؟
الخادم : ( مهوياً بالمروحة ) . أوه أيها الملك ، إنه شحاذ .
الملك : لماذا يصرخ من أجل الخبز ؟
الخادم : أوه أيها الملك هو يصرخ من أجل الخبز ، لكى يملأ بطنه .
الملك : لا أحب سماع صوته . إنه يزعجنى جداً ، اطرده بعيداً .
الخادم : ( منحنياً ) أوه أيها الملك. لقد تم طرده .
الملك : إذا كان ذلك كذلك ، لماذا أسمع صوته إذن ؟
الخادم : أوه أيها الملك لقد طرد بعيداً لمرات عديدة ، ورغم ذلك فى كل مرة يُطرد فيها يعود مرة أخرى ، صارخاً بصوت أعلى مما قبل .
الملك : إنه غبى جداً ؛ كيف له أن يزعجنى فى مثل هذا اليوم الدافئ ، لابد أن يُعاقب على وقاحته ، استخدم معه السوط .
الخادم : أوه أيها الملك ، لقد تم ذلك .
الملك : إذن أخرجوا الرماح .
الخادم : أوه أيها الملك ، لقد أدمى الحراس سيوفهم مرات عديدة من أجل طرده بعيداً عن بوابات القصر ، ولكن دون جدوى .
الملك : إذن اربطه وأسكته عند الضرورة . و إذا احتجت يمكن أن تقطع لسانه . فأنا لا أحب سماع صوت هذا التابع ، أنه يزعجنى جداً .
الخادم : أوه أيها الملك ، أوامرك نفذت أمس .
الملك : ( عابساً ) لا . ذلك لا يمكن أن يكون . الشحاذ لا يستطيع أن يصرخ طالباً الخبز وهو بدون لسان .
الخادم : انظر هل يمكن – أن ينمو له لسان آخر .
الملك : ماذا ، لماذا ، الرجال لا يمنحون غير لسان واحد فى العمر ، أن يكون له أكثر من لسان فتلك خيانة .
الخادم : إذا كان من الخيانة أن يكون للفرد أكثر من لسان ، أيها الملك ، إذن فهذا الشحاذ بالتأكيد مذنب بتهمة الخيانة .
الملك : ( بغرور ) عقاب الخيانة هو الموت . انظر إلى هذا التابع هل ذُبح ؟ ولا تهوًى على بتكاسل شديد ، أنا حران جداً .
الخادم : ( يهوًى بطريقة أسرع ) . انظر ، أيها الملك العظيم والشهير ، كل أوامرك نفذت أيضاً أمس .
الملك : كيف ؟ لا تمزح مع ملكك .
الخادم : لو كنت أمزح ، فإذن توجد حقيقة فى المزاح . حتى أمس أيها الملك ، كما أخبرتكم الشحاذ الذى تسمعون صراخه الآن عالياً فى الشارع كان قد ذبح بسيف جنودك !
الملك : هل تأكل الأشباح خبزاً ؟ بكل تأكيد ، الرجال الذين يُذبحون بالسيف لا يمشون فى الشوارع صارخين من أجل قطعة من الخبز .
الخادم : بكل تأكيد . إذا كانوا مصممين مثل هذا الشحاذ .
الملك : لماذا ، لكنه رجل ، بالتأكيد لا يستطيع أن يكون له أكثر من حياة واحدة فى عمره .
الخادم : استمع إلى الحكاية ، أيها الملك ، التى حدثت أمس .
الملك : أنا استمع .
الخادم : جنودك ضربوا هذا الشحاذ بسبب صراخه العالى فى الشوارع من أجل الخبز . لكن جروحه شفيت على الفور ، قطعوا لسانه لكن على الفور نبت له لسان آخر . ذبحوه ومع ذلك يعيش الآن .
الملك : آه ، تلك الحكاية التى لا يمكن أن أفهمها مطلقاً .
الخادم : أيها الملك ، ربما يكون هذا طيباً .
الملك : لا أستطيع أن أفهم ما تقوله أيضاً .
الخادم : يا أيها الملك ، ربما يكون هذا جيداً أيضاً .
الملك : أنت تتحدث الآن بالألغاز . أنا لا أحب الألغاز إنها تشوش دماغى .
الخادم : أنظر أيها الملك ، إذا كنت أتحدث بالألغاز ، فذلك لأن اللغز يأتى من أجل الحل [ فجأة يسمع الشحاذ وهو يصرخ عالياً فى الخارج ]
الشحاذ ( من الخارج ) : خبز .. خبز .. أعطنى بعض الخبز .
الملك : أه . إنه يصرخ فى الخارج ثانية . يبدو لى أن صوته أعلى مما قبل .
الخادم : الجوع مثل الغذاء للرئتين أيها الملك .
الملك : رئتاه ، سأراهن أنهما تغذتا جيداً .. ها .. ها .
الخادم : لكن معدته خالية تماماً .
الملك : ذلك لا يعنينى .
الخادم : ألا يجب أن أرمى له كسرة خبز عبر النافذة !
الملك : لا . من الحمق إطعام الشحاذ دائماً . كل الفتات الذى يُعطى للشحاذ يكون بذرة الشر التى ينبثق منها واحد آخر مثله .
الشحاذ : (فى الخارج ) : خبز .. خبز .. خبز أعطنى بعض الخبز .
الخادم : يبدو أنه جوعان جداً أيها الملك .
الملك : نعم ، لذلك يجب أن أحكم .
الخادم : إذا لم تسمح لى بأن أسقط له قطعة من الخبز ، فينبغى على أذنيك أن تدفع دين يدك .
الملك : الملك ليس عليه ديون .
الخادم : تلك حقيقة أيها الملك ، ومع ذلك ، فضوضاء استجداء هذا التابع لابد أنها ستزعجك جداً .
الملك : إنها بالفعل كذلك .
الخادم : دون شك يشتهى فقط كسرة صغيرة من منضدتك ، وسيكون راضياً .
الملك : نعم . دون شك هو يشتهىى فقط أن يكون ملكاً ، وعندئذ سيكون سعيداً بحق.
الخادم : لا تكن قاسياً أيها الملك . أنت حكيم جداً وعادل . هذا التابع جائع جداً . ألا تأمرنى أن ألقى له بمجرد كسرة خبز صغيرة من النافذة ؟
الملك : أوامرى أعطيت لك . انظر إذا ما كان الشحاذ مشى بعيداً .
الخادم : لكن للأسف أيها الملك ، إذا كان قد مشى بعيدا فسيعود مرة أخرى كما كان من قبل .
الملك : إذن انظر إذا ما كان قد ذبح . لا أستطيع أن أكون منزعجاً بمثل صوته .
الخادم : لكن للأسف أيها الملك العظيم المشهور ، إذا كان قد ذبح فسوف يعود للحياة مرة أخرى كما فعل من قبل .
الملك : آه . تلك هى الحقيقة . لكن صوته يُفزعنى . أنا لا أحب سماعه .
الخادم : رئتاه قويت بالجوع ، فى الحقيقة هما قويتان جداً .
الملك : حسناً ، اقترح علاجاً لإضعافهما .
الخادم : علاج أيها الملك ؟
[ يتوقف عن التهوية ]
الملك : ذلك ماقلت . علاج – ولا تتوقف عن تهويتى ، أنا حران جداً .
الخادم : ( يهوًى بشدة ) كسرة خبز أيها الملك تسقط من النافذة المجيدة – فى الحقيقة تلك التى يمكن أن تكون العلاج الشافى .
الملك : ( بغضب ) أنا قلت لن أعطيه كسرة خبز . إذا أعطيته كسرة خبز اليوم ، سيجوع فى الغد ثانية . وستكون مشاكلى أعظم مما كانت عليه من قبل.
الخادم : ذلك حقيقى أيها الملك . عقلك بالتأكيد ملئ بالتعليم العظيم .
الملك : ولذلك ، علاج آخر لابد أن يوجد .
الخادم : أيها الملك ، كلمات فمك السامى كما لو كانت كرات لحم من الحكمة .
الملك : ( مفكراً ) الآن دعنى أفكر . أنت تقول هو لايعانى من الألم .
الخادم : لذلك ، لا يمكن أن يتعذب .
الملك : وسوف لن يموت .
الخادم : لذلك لا جدوى من قتله .
الملك : الآن دعنى أفكر ، لابد أن أفكر فى طريقة أخرى .
الخادم : ربما كسرة خبز أيها الملك .
الملك : ها . وجدتها . أنا بنفسى سآمره أن يتوقف .
الخادم : ( مذعوراً ) أيها الملك .
الملك : أرسل الشحاذ إلى هنا .
الخادم : أيها الملك !
الملك : ها . أتخيل إلى حد ما أن هذا التابع سيتوقف عن ضوضائه عندما يأمره الملك . ها . ها . ها !
الخادم : أوه أيها الملك ! أنت لا تود أن تجلب شحاذاً إلى الغرفة الملكية !
الملك : ( سعيداً بفكرته ) نعم . اخرج وقل لهذا التابع أن الملك يرغب فى حضوره
الخادم : أيها الملك العظيم المجيد . أنت بالتأكيد لن تفعل هذا الشيء. أنت بالتأكيد لن تلوث عيونك الملكية بالنظر إلى مثل هذا المخلوق القذر ، وأنت بالتأكيد لن تلوث شفيتك بالكلام إلى شحاذ وضيع ، يصيح بصوت عال فى الشوارع من أجل الخبز .
الملك : لقد تلوثت أذنى كثيراً جداً من قبل . لذلك اذهب الآن وافعل ما أمرتك به .
الخادم : أيها الملك العظيم المجيد ، أنتم بالتأكيد لن –
الملك : ( صائحا فيه ) أنا قلت اذهب . ( الخادم يخرج خجلاً ) حقاً . أتمنى أن يتوقف التابع عن الصراخ عندما آمره . حقاً ، وأتخيل أنه سيكون خائفاً جداً عندما يسمع أن الملك يرغب فى حضوره . ها ها ها .
الخادم : ( عائداً ) أيها الملك . الشحاذ هنا . ( مخلوق يمشى بتثاقل فى ملابس رثة قذرة يتبع الخادم ببطء فى الحجرة الملكية )
الملك : منظر رائع ، من المؤكد. هل أنت الشحاذ الذى كان يصيح عاليا فى الشوارع مطالباً بالخبز ؟
الشحاذ : ( فى صوتٍ واهنٍ بعد مهلة طفيفة ) هل أنت الملك ؟
الملك : أنا الملك .
الخادم : ( جانباً إلى الشحاذ ) ليس من اللائق لشحاذ أن يسأل الملك سؤالاً . تكلم فقط فيما جئت لتتحدث من أجله .
الملك : ( إلى الخادم ) اعمل نفس الشيء ( إلى الشحاذ ) لقد أمرت أن تكون هنا لكى أتحدث لك فى أمر خطير جداً . أنت الشحاذ الذى يصيح عاليًا فى الشوارع مطالباً بالخبز . الآن أقول لك أن صوتك يزعجنى جدا . ولذلك لا تتسول مطلقاً .
الشحاذ : ( بفتور ) أنا – أنا لا أفهم .
الملك : أنا قلت . لا تستجد بأى شكل .
الشحاذ : أنا – أنا لا أفهم .
الخادم : ( إلى الشحاذ ) الملك أمرك ألا تتسول مطالباً بالخبز مطلقاً . الضوضاء فى صوتك مثل الزبالة فى أذنيه .
الملك : ( إلى الخادم ) هاه . زهرة ممتازة من الحديث . أرشقها فى عروتك ( إلى الشحاذ ) أذناك ، ارى أنهما فى حاجة إلى الحمام أكثر من جسدك ، أنا قلت لا تتسول بعد ذلك .
الشحاذ : أنا – أنا لا أفهم .
الملك : ( يعمل يديه بوقاً ثم يصيح ) لا تتسول بعد ذلك .
الشحاذ : أنا – أنا لا أفهم .
الملك : يا للسماء ! إنه أكثر صمما من حجر الحائط .
الخادم : أيها الملك لا يمكن أن يكون أصماً ، لقد فهمنى تماماً و بسهولة عندما تحدثت إليه فى الشارع .
الملك : ( إلى الشحاذ ) هل أنت أصم ؟ ألا تستطيع أن تسمع ما أقوله لك الآن ؟
الشحاذ : للأسف ! لا أستطيع أن أسمع كل كلمة تماماً .
المللك : ياللوقاحة ! لسانك سيقطع بسبب هذا .
الخادم : أيها الملك ، لا فائدة من قطع لسانه لأن لسان آخر سينمو له.
الملك : لا يهم . سيقطع على أية حال ( إلى الشحاذ ) لقد أمرتك للتو بعدم التسول فى الشوارع مطلقاً . ما معنى قولك أنك لا تفهم ؟
الشحاذ : الكلمات فى فمك أستطيع أن أسمعها تماماً، لكن لضجيجها فقط رنين أحمق فى أذنى .
الملك : أف ! فقط – السوط سيدق جلدك إذا لم تعالج لسانك من الوقاحة . أنا ملكك ، أمرتك ألا تتسول فى الشوارع مطلقاً مطالبا بالخبز ، و الدليل على أنك سوف تطيع أوامر ملكك تلمس جبهتك الأرض ثلاث مرات .
الشحاذ : ذلك مستحيل .
الخادم : ( جانباً إلى الشحاذ ) تعالى . ليس من الأمان اختبار صبر الملك لمدة طويلة جداً . إن صبره حقيقة عظيم ، لكنه يفقده يا للعجب سريعا .
الملك : تعالى. الآن . لقد أمرتك أن تلمس جبهتك الأرض .
الخادم : ( ناخسا الشحاذ ) وبسرعة .
الشحاذ : ولم يجب علىً فعل ذلك ؟
الملك : لكى تقر وعداً للملك .
الشحاذ : لكننى لم أقر بأى وعد . ولا حتى لأى ملك .
الملك : هو ! هو لم يعد بشيء . ولا لأى ملك ! هاهاها . لقد أمرتك ألا تستجدى مطلقاً ، لأن صدى صوتك فظيع على أذنى . الآن المس الأرض بجبهتك كما أمرتك . و سوف تخرج من هذا القصر رجلاً حراً . ارفض ، وأنت سوف تأسف قبل ساعة ذلك لأن والدك سيصبح على بعد عشرين خطوة من أمك .
الشحاذ : لم أحزن أبداً أنه فعل هذا . لأنه أن تولد فى هذا العالم شحاذاً فليس ذلك أكثر أى تعاسة مما أعرف – إن لم تولد ملكاً .
الملك : تباً ، لسانك حقيقة حيوى جداً لصحتك . الآن تقدم و المس الأرض بجبينك . وعدنى أنك لن تتسول أبداً فى الشوارع مرة اخرى. أسرع .
الخادم : ( جانباً ) من الحكمة أن تفعل كما يقول لك ملكك . لقد اقترب صبره على النفاذ .
الملك : لا تخف من تلويث الأرض بجبهتك . سوف أغفر لك بلطف ذلك ..
( يقف الشحاذ دون حراك )
الخادم : أنا قلت أنه ليس من الحكمة إبقاء الملك منتظراً .
( الشحاذ لا يتحرك )
الملك : حسناً ؟ ( مهلة ) حسناً ؟ ( فى غضب ) حسناً ؟
الشحاذ : أيها الملك ، لقد أمرتنى ألا أتسول فى الشوراع من أجل الخبز ، من أجل ضوضاء صوتى التى تؤذيك . الآن على نفس النمط آمرك أن تخلع تاجك من على جبينك وترميه من النافذة البعيدة فى الشارع . وبمجرد أن ترمى تاجك فى الشارع سأتوقف عن التسول .
الملك : شت ، أف . أنت تأمرنى ! أنت شحاذ من الشارع تأمرنى أنا ، أنا الملك ، أن أخلع تاجى من فوق رأسى و أرميه من النافذة فى الشارع .
الشحاذ : ذلك ما قلت .
الملك : إذن ، هل تعلم أننى أستطيع أن أذبحك بسبب هذا الكلام الذى قلته ؟
الشحاذ : لا . لا تستطيع أن تذبحنى . الرماح التى مع جنودك مثل عيدان القش فى جسدى .
الملك : ها ! سوف ترى إذا كانت كذلك ، سوف ترى !
الخادم : أيها الملك ! إنها كذلك حقاً ، إنها كما قال .
الشحاذ : لقد طلبت منك أن تزيل التاج من فوق رأسك . إذا حقاً سترمى التاج فى الشارع من النافذة البعيدة ، فإن صوتى سوف يتوقف عن إزعاجك مطلقاً . لكن إذا رفضت ، ستتمنى ألا تملك تاجاً مطلقاً . لأن أيامك ستكون مليئة بالنذر الفظيعة ، وستكون لياليك مليئة بالرعب ، كما لو كانت سفينة مليئة بالجرذان .
الملك : لماذا ؟ هذه وقاحة . هذه خيانة عظمى .
الشحاذ : هل سترمى تاجك من النافذة البعيدة ؟
الملك : لذلك . هذه خيانة عظمى ؟
الخادم : ( جانباً إلى الملك ) ربما كان من الحكمة أن تلاطفه أيها الملك . بعد أن ترمى تاجك بعيداً أستطيع أن أذهب و أحضره .
الشحاذ : حسناً ؟ ( مشيراً إلى النافذة ) حسناً ؟
الملك : لا ! لن أرمى تاجى من هذه النافذة – لا . ولا من أى نافذة أخرى . ماذا ؟ هل ينبغى على أن أنفذ أوامر الشحاذ ؟ أبداً .
الشحاذ : ( مستعداً للذهاب ) حقاً . ذلك كلام مثل ملك . أنت ملك ، لذلك أنت تفضل أن تفقد رأسك عن تلك الدائرة الذهبية التى تستقر فوقها بحماقة ، لكن ذلك جيد . أنت ملك أنت تستطيع أن تفضل غير ذلك ( يسير بهدوء نحو الباب )
الملك : ( إلى الخادم ) أوقفه ! اقبض عليه ! هل يعتقد أنه من السهل جداً أن يهرب من ذلك بوقاحته ! .
الشحاذ : ( ببرود ) لا أحد من خدمك يستطيع أن يوقفنى ولا عشرة آلاف منهم يستطيعون أن يصيبونى بأى أذى . أنا أقوى من الجبل، أنا أقوى من البحر .
الملك : ها ! سنرى ذلك . ( إلى الخادم ) امسكه . أنا قلت استدعى الحراس . يجب أن يوضع فى القيود .
الشحاذ : قوتى أعظم من جبل و كلماتى أكثر رعبا من إعصار . خادمك الخاص لا يستطيع حتى لمسى . بنفس واحد من فمى أستطيع أن أوقف كل هذا البلاط .
الملك : هل سمعت الوقاحة التى يوجهها لى ؟ لماذا لم تقبض عليه ؟ ما المسألة معك ؟ لماذا لا تستدع الحراس ؟
الشحاذ : أنا لن أؤذيك الآن . أنا فقط سأخرج فى الشوراع من أجل الخبز الذى يملأ بطنى . لكن يوماً ما لن أكون رحيماً بك . ذلك اليوم سيكون فمى مليئاً بالرياح السريعة . وذراعاى ستصبحان قويتين مثل قضبان الحديد . وسأوقف هذا البلاط . و كل العظام فى جسدك الغبى سأهشمها بين أصابعى . وسأضرب فوق طبلة ضخمة ، وستكون رأسك عود الطبلة . لن أفعل ذلك الآن . لكنى يوماً ما سأعمله . لذلك عندما يبدو صوتى ثانية فى أذنيك . يستجدى خبزاً . تذكر ما أخبرتك ، تذكر أيها الملك و كن خائفاً .
( يخرج الشحاذ ، يتسمر الخادم لا ينطق ، يتأمله من الخلف ، الملك يجلس فى كرسيه مذهولا )
الملك : ( فجأة يستعيد الملك نباهته ) وراءه ! وراءه ! يجب ألا يُسمح له بالهروب . وراءه !
الخادم : ( متعثراً ) أيها الملك – يبدو أننى لا أستطيع أن أتحرك .
الملك : بسرعة . إذن ، استدع الحراس . يجب أن يقبض عليه . بسرعة، قلت بسرعة ، استدع الحراس .
الخادم : أيها الملك يبدو أننى لا أستطيع أن أستدعى الحراس .
الملك : كيف ! هل أنت أخرس ؟ أه !
(يسمع صوت الشحاذ فى الخارج )
الشحاذ : خبز .. خبز .. أعطنى بعض الخبز !
الملك : آه
( يلتفت إلى النافذة ، وهو نصف خائف ، ثم بشكل عفوى تقريبا ، يرفع يديه نحو التاج ، وهو يبدو على وشك أن يقذفه خارج النافذة ، لكن بالقسم يعيده ويضغط بقوة على رأسه )
كيف! أأخاف من الشحاذ ؟
الشحاذ : ( مواصلا فى الخارج ) خبز .. خبز .. أعطنى خبزاً .
الملك : ( بغضب فظيع ) أغلقوا تلك النافذة .
( يقف الخادم ببلاهة . بينما يعلو صوت الشحاذ مع نزول الستارة )
Comments