الهوية
- المسافر الأمين
- Oct 27, 2016
- 3 min read

يتشكل قدر كبير من هويتنا و تقديرنا للذات بما نفعله، فالمجتمع القائم على السمات الشخصية يكون العمل فيه جزءا حيويا من هوية الفرد .
ان زيف الشخصية و البحث عن القدوة و السعي للوصول الى المثل الاعلى، حلم يبعدك عن حاضرك و يستهلك طاقتك و وقتك، و اذا وصلت الى ذلك المثل شعرت انك تفتقر الى شيء ما، انها نفسك التي تشعرك بعدم الكفاية و الرضى .
منذ اللحظة التي يولد فيها الإنسان في المجتمعات التقليدية خاصة الشرقية، يقيد بحدود التراث و يدرب على طاعة التقاليد، و يحرم من و يمنع من الشك و طرح الاسئلة، يمنع من ان يكون انسانا ذكيا مما يسبب انحدار المجتمع و تخلفه .
فالطفل يتبع والديه لا عن تعقل بل بحكم المرافقة و التربية، ولو ترك له الخيار لجاز ان يختار غير ما هو عليه .
فمن يتمتع بطبيعة الحرية يابى ان يستسلم الى تقليد مجتمعه الذي نشا فيه، فتنحل عنه رابطة المجتمع ليتحرك باطنه الى طلب الحقيقة، فهي فطرته الاصلية و جوهرها .
فالتقليد الذي نبتلعه بدون وعي و تمحيص هو هدر لقدراتنا و خطر على بقائنا و شقاء على انفسنا اذا ما اجبرنا على الموافقة عليها..لانه نفاق .
هذا التلاعب في الادوار هو مجرد وسيلة نستعملها لنعيش (باش مهندس، باشا، ...)، التظاهر بالحب و التفنن و المبالغة في اظهارها لشخص لا قيمة له لمجرد ان حاجتنا عنده و التبسم لاشخاص بدل مواجهتهم و مصارحتهم تحملان اعباء زائدة ، التظاهر و التمثيل في حد ذاته رياء و كذب على انفسنا اولا قبل الاخرين، فهو تدمير للذات .
اذا لم يكن لديك ظل فأنت تقف ..في الظلام ظلك .. جانبك المظلم له غاية ..لا تتجاهله عانقه ..واغفر له - ديباك شوبرا
وجهنا الخفي و صدق النية
قامت ماريَّنا ابراموفيك بخوض تجربة لتتعرف أكثر على تصرفات البشر اذا منحت لهم حرية القرار بدون شرط .. فقامت بالتجربة التالية : قررت أن تقف لمدة 6 ساعات متواصلة بدون حراك وأتاحت للجماهير أن يفعلوا بها ما يريدون .. ووضعت بجانبها طاولة بها العديد من الأدوات منها سكين، ومسدس، وأزهار .. وهكذا ببداية الأمر كان رد فعل الجماهير سلمي فاكتفوا بالوقوف أمامها ومشاهدتها .. ولكن هذا لم يستمر كثيراً فبعدما تأكد الجماهير أنها لن تقوم بالقيام بأي رد فعل مهما كان تصرفهم اتجاهها ..
أصبحت الجماهير أكثر عدوانية .. فقاموا بتمزيق ملابسها .. وقام أحدهم بوضع المسدس على رأسها
ولكن أحد الاشخاص تدخل وأخذ المسدس منه وقاموا بنكزها ببطنها بأشواك الأزهار .. وتحرش البعض بها ..
وبعد أن انتهت ال، 6 ساعات تحركت مارينا من مكانها بدون اتخاذ أي رد فعل عدواني تجاه الجماهير ... وبمجرد أن بدأت بالتحرك هم الجماهير بالفرار.
هذه التجربة أثبتت لمارينا أن البشر الذين نتعامل معهم يومياً مهما اختلف عرقهم وسنهم وخلفياتهم قادرون على ارتكاب أفعال شنيعة ولكن أن أتحيت لهم الفرصة فقط.
اصبح العالم كمكينة وكل منا ترس بها نفكر فمظاهرنا قبل جواهرانا ، جسدنا قبل ارواحنا ، ماذا نملك قبل ان ماذا نعطي ،اصبحت السعادة كشيئ استهلاكي يشتري بورقات لاقيمة لها نلهث وراء الشهوات وتحقيق الثروات من الماديات الصماء كمن يجمع اتلال من القمامة ، وبعدما استبدلنا قيمنا ومبادئنا بالسفائه والانحطاطات وضيعنا اخلاقنا واتهمناها بالرجعية وهويتنا بددناها بالتحرر والانحلال ، وضيعنا المعاني بافعالا مشينة والبسنا الحق باطلنا والجمال قبحا وتاهت انفسنا في زحام وضجيج العولمة والانفتاح .
أعضاء البرلمان دخلوا البرلمان لأنهم إمتلكوا الاموال أو تلقوا دعماً ممن يمتلك الأموال , ورجال الدين يأخذون من الكتب المقدسة ما يناسب السادة الإقطاعيين , ومحامون يبيعون خدماتهم لمن يدفع أكبر سعر فى ساحة القضاء , وقضاة يتظاهرون بحماية الفقراء الذين تجدهم دائماً فى قفص الإتهام , وأساتذة جامعيون يزرعون حلم الصعود الطبقى , وفنانون يسعون جاهدين إلى إرضاء خيال الأغنياء وأصحاب النفوذ وإرضاء غرورهم , وعمال يسيرون فى أعمالهم ببطء كلما إستطاعوا ذلك , وأصحاب أعمال يرهقون عمالهم بالعمل ويسلبون أغلب أوقات حياتهم كلما إستطاعوا إلى ذلك سبيلاً , وبذلك يصبح المجتمع كله عبارة عن مؤامرة ضخمة ونفاق هائل .
ان الذي يطأطئ رأسه و يتملق لا يعود إنسانا... إنه لم يشعر بعد انه في تعبده و خضوعه لغيره يخسر شيئا لا يعرف ثمنه ! علي شريعتي
الجدير بنا ان نشعر بالحب و الصدق اتجاه الاخرين و ليس الكراهية التي تعود علينا، فالسارق يرى ان كل الناس سراق و الكذاب كذلك مما تؤدي الى فقدان الثقة في النفس و في الناس، فظاهرك جيد و لكن باطنك قبيح، تدفعك الى كره نفسك و لا تسمح لاحد ان يحبك، فكلما جاءك احدهم ليحوطك بطاقة المحبة، تتقوقع و ترغب بالهروب لانك خائف من ان تنكشف لانك تعرف انك لست جديرا بالثقة و الحب .
ادوار تسمم شخصيتنا و تقضي على فطرتنا الا و هو الحق، فيدمر الثقة في النفس و تسبب الكثير من العبودية .
يقع ضحية مجتمع، يحتاج دائما الى من يوجهه و يملي عليه الاوامر، ليصبح خير مواطن و خير جندي .لن يكون انسانا حقيقيا الا اذا كان انسانا حرا .
“ هناك شخص اول مرة تراه، اول مرة تسمعه، لكنك ستثق فيه فورا، لان روحك كانت تنتظره ” جمال حسين
مهما كان وضعك ...ابدا الان !
Comments